خطوات هامة للاستقالة مع الحفاظ على تميزك
المسار المهني هو طريق مستمر طوال الحياة، ويحتوي على محطات عديدة. هذه المحطات تأتي بشكل مراحل دراسية أو تطويرية، أو تأتي على شكل وظائف مختلفة، وكما يحتوي هذا المسار المهني على مفترقات طرق قد تدفع الأشخاص إلى تميز إضافي، أو تدفعهم لقرارات غير صائبة. ولهذه المحطات ومفترقات الطرق تأثير لا يمكن إهماله على مسارنا المهني وحياتنا بشكل عام. فإن لم يكن تعاملنا مع هذه المحطات والمفترقات بشكل جدي وصحيح، فقد يكون لها تأثير سلبي كبير.
ومن مفترقات الطرق هو قرارك بالاستقالة، والتي قد تضطر إليها لأسباب عديدة (قد يكون سببا واحدا أو أسبابا مجتمعة)، مثل:
- وجود فرصة أخرى جذابة جدا تتناسب مع قيمك وأهدافك وأولوياتك المهنية، سواء لأسباب مالية أو تطويرية أو غيره، وذلك بما يتناسب مع خطتك المهنية
- عدم الارتياح في مكان العمل الحالي لأسباب كثيرة، منها: طبيعة الوظيفة، أو بيئة العمل، أو الدخل المادي، أو عدم تحقيق الرضا المهني
- التوقف عن التطور الشخصي والتعلم في الجهة التي تعمل بها
- عدم توفر فرص الترقية والتقدم المهني بالرغم من أدائك الممتاز وتطورك المستمر، وعدم إمكانية ذلك في الوقت الزمني المستهدف
- عدم تحمل ضغوطات العمل رغم محاولة تنظيمها والسيطرة عليها
- عدم التوافق بينك وبين الإدارة وتوجهاتها أو طريقتها بشكل يؤثر عليك وعلى العمل
- تغيير المسار المهني لأسباب مدروسة وواضحة
وكما أن لكل خدمة أو منتج أو شركة علامة تجارية، فمن الاول لكل واحد منا سمعة مهنية. فهذه السمعة تعمل لصالحك أو ضدك في مسارك المهني. ولكن ما علاقة ذلك بالاستقالة؟
تتأثر هذه العلامة الشخصية بما تعمله في مسارك المهني؛ مما يعني أن مستقبلك المهني سيتأثر حتما بجودة هذه السمعة ويؤثر على فرصك المستقبلية في سوق العمل بشكل مباشر أو غير مباشر. فسوق العمل مثل أي سوق آخر، يتفحص المنتج (المنتج هنا هو أنت) ويسأل عن مميزاته وسلبياته. ولذلك؛ فإن سوق العمل وأقسام التوظيف والمدراء يقيمون أخلاقيات العمل الاحترافية، ومنها ما يتعلق بأسباب الاستقالة وخلفيتها، ومن ذلك 3 عوامل مهمة:
- عدد المرات التي سبق أن استقلت فيها من عملك مقارنة بسنوات خبرتك
- أسباب الاستقالة
- طريقة الاستقالة
ازدياد عدد مرات الاستقالة: قد يشير إلى أنك شخص غير ناضج مهنيا وغير مستقر في عملك (مثلا عدم استمرارك في وظيفة ما أكثر من سنة إلى سنتين)؛ مما يعني أن المخاطرة ستكون كبيرة على الجهة الجديدة لتوظيفك وسيكون هناك افتراض على أنك قد تترك عملك اللاحق قريبا، فيحجمون عن إعطائك تلك الفرصة.
أسباب الاستقالة: فعادة ما تبحث الجهات عن أسباب استقالتك السابقة وكونها منطقية وصادقة، وذلك أيضا يشير إلى استقرارك ونضجك المهني.
طريقة الاستقالة: وهذه قد تترك أثرا على مستقبلك المهني، وهي موضوعنا الرئيسي. فإذا كانت استقالتك بطريقة مهنية واحترافية، فغالبا لن تؤثر عليك سلبا وخصوصا إن لم تكن متكرر الاستقالات وكانت أسبابك منطقية ومبررة مهنيا، وبل ستترك أثرا طيبا عند الجهة السابقة. حيث سيذكرونك بالخير حتى عند غيابك أو عند السؤال عنك من قبل إحدى الجهات التي ترغب بها مستقبلا.
وأما إذا كانت بطريقة غير مهنية وغير احترافية، فهذا سيكون له تأثير سلبي قد تفقد بسببه فرص مستقبلية مهمة جدا كما ذكرنا، حتى وإن كانت بعد سنوات عديدة!
ونحن هنا لسنا بصدد بحث أسباب الاستقالة وتوقيتها ومدى صحة هذا القرار، ولكننا سنتطرق إلى آلية الاستقالة بالطرق الصحيحة. وهناك عشر ممارسات عامة للاستقالة بشكل احترافي ومهني.
قبل الاستقالة:
أولا: ادرس أسباب استقالتك جيدا
لا تتخذ هذا القرار قبل التفكير فيه بشكل مستفيض واستشارة من تثق برأيهم المهني، سواء فيما يتعلق بالجهة التي تعمل بها، أم في البيئة الخارجية من أوضاع اقتصادية أو جودة الفرص المتوفرة.
ثانيا: تأكد من صحة أسبابك
حيث أننا نميل أحيانا للقفز إلى أحكام بشكل سطحي تقود إلى قرارات خاطئة. وتستطيع التأكد بطرق متعددة على ألا تكون مباشرة، مثلا: لو كان سبب استقالتك عدم التقدم في العمل بالرغم من أدائك الممتاز لسنوات طويلة، تستطيع التحدث مع المسؤولين وسؤالهم بطريقة ذكية عن توفر فرص الترقيات في المستقبل القريب وما هو توجه المنشأة، هل أنتم ترون أن لي فرصة فيها أم لا؟ وغيرها من التقصي بحسب سبب الاستقالة.
ثالثا: لا تستقل من وظيفتك قبل إيجاد وضمان فرصة أخرى مناسبة
إن كنت ترغب بالاستقالة للبحث عن وظيفة أخرى، فالأحرى أن تفعل ذلك خلال إجازاتك أو وقت فراغك، حيث أن ترك وظيفة بلا ضمان وظيفة أخرى يعرضك لمخاطرة كبيرة.
عند الاستقالة:
رابعا: تفادى الاستقالة بشكل مفاجئ
في كثير من الجهات وبحسب الأنظمة، قد تمتد فترة الاخطار بالاستقالة إلى شهرين قبل تاريخ ترك العمل. ولكن احذر أن تكتب استقالتك وتقدمها للإدارة بشكل مباشر! فجميعنا لا يحب أن يفاجئه أحد بخبر سيء بلا مقدمات أو إعداد. يجب أن تبدأ الحديث عن الاستقالة قبل تقديمها بفترة؛ لإعداد مدراءك نفسيا وإظهار الاحترام المهني لهم، بل تستطيع استشارتهم إن كنت تثق بوجهة نظرهم. حيث أن تقديم الاستقالة مباشرة سيشعرهم بخيبة أمل وقد تجعلهم يتساءلون: "هذا التصرف غير احترافي وغير مناسب شخصيا، فلماذا لم يبلغني أو يستشيرني قبل أن يتخذ القرار النهائي؟". وكلما بلغت إدارتك بوقت مبكر أكثر، كلما قدروا لك هذا التصرف الناضج مهنيا، وبالتالي سيكون لك فرصة الالتحاق بهم مستقبلا أو ترشيحك لفرص أخرى لاحقا.
خامسا: قد تخبر إدارتك أن هذا القرار شبه نهائي، ولكن لا مانع من أن تعطيهم فرصة ليتقدموا بعروض بديلة
من المعروف في سوق العمل أن بعض الجهات تقدم عروضا بديلة للموظفين المتميزين والتي قد تخشى فقدانهم، فلا تغلق الباب تماما حتى تسمع ما لديهم، وربما تعيد تقييم قرارك بشكل موضوعي ودارسة الخيارات المطروحة مرة أخرى.
سادسا: لا تجعل خبر استقالتك ينتشر أو تسمح باطلاع أشخاص كثيرين عليه قبل أن يعرف مديرك وكل من تهتم لأمره في هذه الجهة
الأفضل أن تبدأ بإخبار مديرك والتفاهم معه سرا عن نيتك في الاستقالة، وقد تذكر له الأسباب التي دفعتك لهذا القرار حيث أن هذه الأمور قد يتم معالجتها.
سابعا: وضع خطة مبدئية لتسليم العمل والتفاهم على ذلك مع مديرك
سيشعر أنك موظف محترف ويهمك العمل حتى في حال تركك لهذه الجهة.
ثامنا: إذا عملت بالنقاط أعلاه، وحان وقت تقديم الاستقالة، احرص على كتابتها بشكل احترافي
ابدأ بالتحية وشكر الإدارة والقائمين على الجهة، ومن ثم يمكنك ذكر رغبتك في تركها وإن ذلك ليس بالقرار السهل. وقد تذكر أن السبب وجود فرصة أفضل، ومن ثم تعرض خدماتك واستعدادك للتواصل في أي وقت. وننصح بالاطلاع على الأمثلة المتوفرة على الإنترنت لعينات من الاستقالة باللغتين الإنجليزية والعربية.
بعد تقديم الاستقالة:
تاسعا: لا تجعل مستوى أدائك أو التزامك ينخفض بعد الاستقالة
حيث أن ذلك سيترك ذكرا غير مميز عنك، وكن مخلصا لهذه الجهة وحافظا لمصالحها، واحرص على تسليم أعمالك بشكل منتظم ووافي واحترافي لمن سيخلفك ولمديرك، وتغاضى عن أية مواقف أو مشاعر سلبية خلال هذه الفترة، وأبق الإيجابية شعارا لك دون أن تظهر فرحا مبالغا لتركك هذه الجهة. فالانطباع الأخير يبقى وذكرك لا ينسى ممن عملت معهم.
عاشرا: اجعل علاقتك مميزة مع الجميع وكن ودودا ومهنيا في كل تعاملاتك معهم
احرص على إلقاء التحية والسلام على الجميع قبل ترك العمل. ويتطلب كذلك إرسال رسالة إلكترونية (إيميل عام) لفريق العمل ومن تعرفهم لتوديعهم، واشكر بشكل خاص الأشخاص الذين لهم فضل عليك، وتبادل معلومات التواصل مع الجميع.
ختاما
لا تقطع صلتك بزملائك ومدراءك حتى بعد الاستقالة وبدء عملك الجديد بغض النظر عن الماضي واختلافك معهم في أمور العمل، لا تخجل من التواصل معهم بين فترة وأخرى بالسلام والسؤال عن أحوالهم وتذكيرهم باللحظات الجيدة التي قضيتها معهم في تلك الجهة. فذلك سيبقيك في ذهنهم فترة أطول ويساعدك على أن تنال ترشيحاتهم في شبكتهم المهنية، وبالتالي فرص أكثر لمستقبل وظيفي أكثر تميزا