تعرف على التنمية المهنية
مقدمة في التنمية المهنية
كثيرا ما ننظر إلى الذين وصلوا إلى النجاح بشكل عام وبالأخص النجاح المهني، ونتعجب مما وصلوا إليه من مراتب وعلاوات وإنجازات ، وهنالك من نستغرب أشد الغرابة من وصولهم إلى النجاح، ومن ناحية أخرى أناس نبارك لهم نجاحاتهم ونعتقد أنهم استحقوا ما هم عليه الآن بجدارة! وكثيرا ما نرى البعض ينجح في أي عمل يكلف به، ولا نرى أن هذا الشخص على قدر كبير من الذكاء أو المعرفة. فكيف وصلوا إلى هذا النجاح؟ ربما ستتفاجأ أن هذا النجاح كان نتيجة طبيعية لمجموعة من الخطوات والأفعال التي اتخذها هؤولا الأشخاص مع المثابرة والإصرار على النجاح. فأغلب هؤلاء الناجحين اتبعوا -بوعي و بلا وعي- أساليب التنمية المهنية أو التطوير المهني.
ما هي التنمية المهنية؟
التنمية المهنية هي جزء رئيس من تطوير الشخصية، فهي العملية التي تشكل هويتنا المهنية وتؤثر فيها خبراتنا الحياتية وتربيتنا منذ الصغر؛ لذلك تعرف عملية التنمية المهنية : أنها القرارات المتعلقة بإدارة الحياة المهنية من حيث التعلم والعمل والتنقل بينهما وكيفية الوصول لمستقبل مهني أفضل؛ بهدف تحقيق أهداف الفرد المرجوة في المستقبل.
خصائص التنمية المهنية
عملية مستمرة
هناك نظرة للتنمية المهنية على أنها قرار منفرد لتحديد الوجهة المهنية من خلال الإجابة على سؤالين "ماذا أريد أن أكون؟، وما هي الدراسة المطلوبة لتحقيق ذلك؟". لكن في الحقيقة هي عملية مستمرة تتم خلال مراحل مختلفة في حياة الفرد.
تبدأ عملية التنمية المهنية منذ مرحلة ولادة الفرد ويتم التأثير عليه من قبل البيئة المحيطة كالأسرة والأقارب والثقافة التي نشأ عليها. وتتركز مرحلة الطفولة في استكشاف البيئة المحيطة والاطلاع البسيط على طرق العمل وكسب المال، ومراقبة الطفل والديه في محاولة لفهم أعمالهم، وتجربة المهن البسيطة وتفضيلها، واكتشاف الميول الفطرية والرغبة الذاتية تدريجيا. وينشأ لدى الطفل ميل لبعض المهن إما بسبب رؤية أشخاص يعتبرهم الشخص قدوة، أو بسبب ميله واهتمامه الفطري بتلك المهن.
وتستمر مراحل التنمية المهنية مع كل قرار يتخذه الفرد ابتداء من مراحل التعليم الأساسي (المدرسي) إلى التعليم الجامعي. ومن ثم مرحلة الدخول لسوق العمل والتنقل بين أكثر من مجال ومنظمة. وبذالك فهي عملية مستمرة لا تنتهي بمجرد الحصول على وظيفة أو تدريب أو درجة علمية ما.
مرتكزة على التعلم والعمل
عملية التنمية المهنية هي الآلية التي تجمع بين نتائج التعلم (الرسمي وغير الرسمي) والعمل (سواء بمقابل أو بلا مقابل مادي) والتنقل بين هذه الخبرات من التعلم والعمل في شتى المجالات.
تهدف لمستقبل مهني أفضل
تهدف عملية التنمية المهنية إلى وضع الفرد في المسار المهني السليم الذي يتناسب مع شخصيته المميزة؛ لتحقيق الرضا المهني. لذلك، يجب أن يكون الفرد واعيا بالخطوات اللازمة لمستقبل مهني أفضل وهي كالآتي:
الخطوة الأولى: استكشاف البيئة الداخلية (الذات)، وهي أن على الفرد التحقق من ذاته، ومعرفة أدق التفاصيل عن نفسه، وفهم جوانب شخصيته بشكل كامل. وذلك لكي تتضح رؤية ذاته المهنية ويكرسها حسب ميوله، وتفضيلاته، واهتماماته، وكل من مهاراته وقدراته.
الخطوة الثانية: استكشاف البيئة الخارجية (سوق العمل) وهي اكتشاف الخيارات المتاحة في سوق العمل من حيث المسارات المهنية، متوسط الدخل لكل وظيفة، فرص التوظيف والتقدم في هذه المسارات، فيصبح لدى الفرد المعلومات المطلوبة لاتخاذ أفضل القرارات، ويصبح أيضا قادرا على تبرير اختياراته المهنية؛ نتيجة لوضوح أسباب هذه القرارات والتأكد بأنه في مسار يناسب ميوله وشخصيته، وكذلك يتوافق مع متطلبات سوق العمل. وبذلك يضع أهداف مستقبلية ذات معنى تحقق له النجاح المهني.
وتتحدد جودة القرارات بمدى معرفة الشخص بنفسه ومعرفته بطبيعة سوق العمل والخيارات المتاحة فيه. وعندما يكون لدى الشخص معرفة بذاته، وبطبيعة سوق العمل، ويبدأ في وضع خطة لحياته المهنية. قد يكون الوصول إلى مرحلة النضج قليل الحدوث عند الكثير من الأفراد والمجتمعات؛ بسبب عدم وعيهم بهذه المرحلة.
متجددة ومتغيرة
تؤكد التنمية المهنية على أهمية الوعي بأننا نتغير وكذلك سوق العمل، مع كل خبرة جديدة يكتشف الفرد المزيد عن نفسه، ومع كل مرحلة تختلف احتياجاته وبالتالي أهدافه وخططه. وكذلك سوق العمل في تغير مستمر، كل عام تظهر وظائف جديدة وتختفي وظائف أخرى، وأزمات اقتصادية تؤثر على وضع المنظمات وبالتالي العاملين فيها. لذلك، يجب على الفرد إعادة النظر ومراجعة خطته المهنية من حين إلى آخر؛ للتأكد أنها تسير في طريق يخدم رؤيته المستقبلية. وهنا تأتي أهمية عملية الإرشاد والتثقيف المهني، والتي تهدف إلى تقديم التوجيه للشباب والباحثين لاكتشاف أنفسهم واكتشاف سوق العمل؛ بهدف اتخاذ قرارات مهنية ودراسية سليمة.
الخاتمة
أخيرا، عملية التنمية المهنية تحدث في حياة كل فرد سواء سعى لإدارتها أو لا، وغالب الأمر الكثير من الشباب يترك إدارة حياته وتخطيطها مهنيا إلى الصدفة؛ مما يؤدي إلى عدم الرضا الوظيفي والمشكلات التي تؤثر سلبا على بيئة العمل، بالإضافة إلى التحديات النفسية التي يواجهها الفرد في مسيرته المهنية.
رسالتنا لك هي: حياتك المهنية ليست صدفة، أو عملية ذاتية القيادة، أو غير قابلة للإدارة والتخطيط، أو أنها فقط نتيجة لأوضاع خارجة عن الإرادة! إن أردت أن تحقق النجاح المهني، لا بد أن تأخذ بزمام الأمور وتفكر جديا كيف تتعامل مع كل ما ذكر من مبادئ التنمية المهنية أعلاه؛ لمصلحتك ولنجاحك في الحياة.