تحسين وتطوير عملية تكوين الذات

تحسين وتطوير عملية تكوين الذات

بطريقة ما يعتبر كل البشر متشابهون في طبيعتهم البشرية، فلديهم نفس الجسد والعقل البشري، ونفس طبيعة الأفكار والمشاعر البشرية. ومع ذلك يعتبر كل شخص على وجه الأرض مختلف بالكامل ومميز. ولا يوجد شخصان متشابهان تماما؛ لأنه لا يوجد شخصان متشاركان في نفس الخبرات الحياتية ونفس الإدراك وطريقة التفكير في الأمور مهما كان قربهم.

ولكن ما هو العامل الذي يفسر هذا الاختلاف والتفرد؟ هذا العامل هو الشخصية.

تعرف الشخصية على أنها دمج بين العادات والسمات الشخصية والسلوكيات والأفكار لدى الشخص، والتي تؤثر على الشخص داخليا وخارجيا. داخليا؛ تتحكم الشخصية في الدوافع والتحفيز للأهداف، وخارجيا؛ تشكل اختيار الشخص لأدواره وتفاعله مع البيئة الخارجية ومكوناتها.

تتكون الشخصية من عدة جوانب مكملة لتعطي لنا صورة دقيقة عن تفرد الشخص واختلافه، وهي:

  • الجانب العقلي: هو الجانب الذي يمثل معالجة الأفكار لدى الشخص، وكيف يتفاعل مع المعلومات والمؤثرات الخارجية والداخلية. يتوقف الجانب العقلي على معدل الذكاء ويتطور كلما حصل الشخص على تعليم بجودة عالية يمكنه من استخدام قدراته العقلية وتطويرها. ومن الأفكار الخاطئة والشائعة أن الذكاء العقلي هو العنصر الأهم الذي يتحدد على أساسه جودة شخصية الفرد ونجاحه في الحياة. حيث تؤكد العديد من الدراسات أن نجاح الفرد مهنيا وشخصيا مرتبط بكيفية إدارة الجانب العاطفي أو معدل الذكاء العاطفي.
  • الجانب العاطفي: هو الجانب الذي يحدد ما يفضل الشخص وما لا يفضله. كيف يتعامل مع المواقف والعقبات الصعبة في حياته؟ كيف يتحكم في مشاعره؟ وهل لديه القدرة على الموازنة بين الجانب العقلي والعاطفي معا! أو مشاعره هي التي تتحكم به دائما؟ ولهذا الجانب دور مهم قد يغفل عن تطويره الكثير منا.
  • الجانب الاجتماعي: هو الجانب الذي ينظر فيه إلى كيف يكون الشخص علاقاته وكيف يتعامل مع المواقف الاجتماعية المختلفة مع دوائر اجتماعية متعددة، مثل: الأسرة، الأصدقاء، زملاء العمل، ومجتمعه ككل. يتأثر هذا الجانب بالجانبين السابقين، حيث تتوقف جودة تعاملات الشخص على كيفية إدارته لعاداته وأفكاره التي يتحكم بها الجانب العقلي، وأيضا قدرته على إدارة مشاعره وفهمه لمشاعر الآخرين والتي يتحكم بها الجانب العاطفي.
  • الجانب البدني: هو كيف يتحكم الشخص في لغة جسده وتعبيرات وجهه ومدى مناسبة مظهره للانطباع الذي يود تركه لدى المحيطين به والمتعاملين معه، ومدى وعيه بتأثير هذه العوامل على جودة حياته وتحقيقه لأهدافه
  • الجانب الأخلاقي: يتمثل هذا الجانب في مدى وعي الفرد وقدرته على التمييز بين ما هو صحيح وما هو خاطئ بناء على معايير عقلية وعاطفية واجتماعية
  • الجانب الروحاني: هو الجانب الذي يتمثل في وعي الشخص وإدراكه للأمور غير المادية والروحانية واتصاله بالخالق والكون من حوله أيا كانت ديانته

ولكن.. هل يوجد جانب من الجوانب الستة هو المسؤول الأول عن تطوير الشخصية؟

بالطبع لا، تطوير الشخصية يأتي من التكامل والتوازن بين الجوانب الستة، على سبيل المثال: إذا اهتم الشخص بتطوير الجانب العقلي وتطوير المهارات الذهنية دون تطوير الجانب العاطفي، سوف يجد صعوبة في مواجهة الضغوط ومشاعر التوتر في المواقف المختلفة، وذلك سوف يعيق نجاحه في إيجاد بيئة مناسبة لاستخدام قدراته العقلية. من ناحية أخرى، مع ضعف الجانب الاجتماعي سوف يجد الشخص نفسه في حاجة إلى دعم لتحقيق أهدافه، ولكنه لا يمتلك المهارات الاجتماعية المناسبة لتكوين علاقات داعمة. فالتوازن بين جوانب ومكونات الشخصية هو أفضل طريق لتطوير الذات.

وهنا بعض التوصيات لتطوير جوانب الشخصية الستة:

  • لا تتوقف عن التعلم: طور معرفتك في مجال تخصصك والمجالات التي تهتم بها بشكل عام من خلال القراءة، ومشاهدة أفلام تعليمية، والاهتمام بالتعلم الذاتي.
  • اهتم بفهم مشاعرك والتعبير عنها: تطوير مهارات الذكاء العاطفي تساعد الشخص على الوعي بمشاعره وكيفية تأثيرها على سلوكياته وأفكاره ومن ثم التحكم فيها، وهذه مهارة حياتية رئيسية وتحدد مدى نجاحه في حياته المهنية والشخصية
  • ضع علاقاتك الاجتماعية ضمن أولويات الحياة: لا تجعل العمل واهتمامك بأهدافك المهنية يأخذ كل وقتك على حساب علاقاتك. تطوير المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل والإنصات الجيد وأخد احتياجات الآخرين في الاعتبار جميعها مهارات يمكن تعلمها.
  • غير عاداتك إلى عادات صحية: اهتم بممارسة الرياضة وتطوير قدراتك البدنية؛ لأنها تؤثر على كفاءة استخدام القدرات العقلية، والتعامل مع المشاعر، وتصل بالشخص إلى تطوير الجانب البدني بشكل فعال
  • وسع دائرة معارفك: خالط أصحاب الخبرات الحياتية لتطوير نظرتك للحياة والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم، وكذلك علاقاتهم التي قد تفييدك مهنيا.
  • احرص على تطوير ادارة مشاعرك والتحكم فيها: بعد نهاية أي موقف فقدت فيه السيطرة على مشاعرك، وبعد التأكد من وصولك الى الهدوء، أعد التفكير في هذا الموقف مع سؤال نفسك عن ما كان يجب أن تفعله كي تحسن ادارة مشاعرك بشكل أفضل وقد تحتاج في أوقات كثيرة إلى استشارة المتخصصين في ادارة المشاعر عن كيفية تطوير هذه المهارة.