لماذا أستكشف شخصيتي المهنية ؟
قد تمر السنوات تلو السنوات على الإنسان، وبعضنا ولا يسأل نفسه بشكل واضح: من أنا؟ وما هي شخصيتي؟ وكيف تتكون؟ ومم تتكون؟ وكيف أعرف نفسي واهتماماتي؟ وكيف لي أن أغيرها أو أطورها؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي ينبغي على كل من يسعى للنجاح أو القيادة أن يهتم بها. وسوف نوضح في هذا المقال لماذا تعتبر هذه الأسئلة ذات أهمية قصوى؛ لتكون مساعدا لك في مشوار نجاحك، ونقطة مهمة في تخطيطك.
من العناصر المكونة للشخصية المهنية
من المهم جدا أن يدرك الإنسان أن شخصيته تكونت بمرور الزمن من مجموعة عناصر مختلفة، ومنها الجوانب التي تؤثر في الحياة المهنية:
- القيم المهنية: وهي معتقدات الفرد الداخلية لما هو مهم وغير مهم في الأمور المتعلقة بوظيفة ما أو بحياتنا المهنية عموما
- الاهتمامات والميول المهنية: وهي التفضيل الشخصي والرغبة الداخلية لممارسة مجموعة من الأعمال أو أنواع معينة من المهام. والاستعداد لبذل أقصى جهد والاستمرار للعمل فيه لأطول فترة ممكنة مع الشعور الداخلي بالسعادة والرضا اثناء العمل.
- نمط الشخصية: وهو الطريقة والأسلوب الذي يميل الفرد إلى اتباعه بشكل طبيعي وذلك عند معالجة المواقف الحياتية المختلفة وطريقة تفاعله معها. ولنمط الشخصية علاقة وثيقة بطريقة اتخاذ القرارات.
- الذكاءات المتعددة: وهي كفاءات وقدرات ذهنية متعددة يفترض أن يولد بها كل الأطفال وهي قابلة للتطوير مدى الحياة (مثل الذكاء الجسدي أو العضلي، الذكاء الاجتماعي أو ذكاء معرفة الآخرين، والذكاء النغمي أو الموسيقي، والذكاء البصري أو المكاني وغيرها)
- التفاعل العاطفي: وهي تأثر الشعور الداخلي للفرد والعوامل العاطفية، وعلى أفعاله في تعامله مع المواقف الشخصية والناس من حوله، وقدرته على إدارة عواطفه.
هذه العناصر -بطبيعة الحال- تكونت نتيجة عوامل وراثية وأسرية ومجتمعية، والأهم من ذلك مساهمتك الشخصية في بلورتها وتكوينها وتطويرها. ويمكنك الاطلاع على مقال “العناصر المؤثرة في تكوين الشخصية المهنية"
لماذا يجب علينا التعرف على الجوانب المختلفة لشخصيتنا؟
تكمن أهمية معرفة شخصياتنا بالنسبة للحياة المهنية في نواحي عدة، وفيما يلي بعض الأمثلة:
- التحكم في الذات: عندما يفهم الفرد نفسه بصورة أعمق، ويعرف جوانب التميز والضعف، سيمكنه ذلك من التعامل معها بذكاء وتمكن، ويكون أكثر ضبطا لسلوكياته وأكثر فهما لانفعالاته. ولا شك أن لمعرفة جوانب الشخصية أثر بالغ في محاولة تفادي بعض الأخطاء التي تظهر في التعامل مع الظروف ومع الآخرين، كما أن معرفة الأنماط الإيجابية وفهمها يزيد الثقة بالنفس.
- اختيار المسار المناسب: إدراك الشخص لميوله واهتماماته الشخصية يجعله على وعي كبير بالمسارات التعليمية أو العملية التي تناسبه وقد يبدع فيها، والتي يصل فيها إلى درجة عالية من الرضا المهني.
- اتخاذ القرارات الصائبة: عند فهمنا لجوانب الشخصية المختلفة وتأثيراتها علينا وعلى أسلوب التفكير، يستطيع الشخص وضع المعطيات في إطارها المناسب، وكيفية تأثيرها الحقيقي على قراره، مما يساعد بشكل كبير في اتخاذ القرارات الصحيحة من الناحية الشخصية والعامة.
- تنمية الشخصية والمهارات: إن إدراك الذات ومعرفتها هي الخطوة الأولى لتنمية وتطوير الشخصية، وذلك يبدأ بمعرفة إيجابياتها وسلبياتها، ومعرفة طرق التأثير عليها، وأفضل السبل لإدارة شخصياتنا وتوظيفها بشكل فعال لتحقيق أهدافها، خصوصا لمن يبحث عن التألق والسعادة في حياته المهنية أو الخاصة.
- القدرة على اكتساب الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي: تعتبر معرفة جوانب الشخصية إحدى النقاط الأساسية في الاتصال والتواصل والعلاقات الاجتماعية والمهنية، فكلما كنت عارفا بذاتك، كلما استطعت أن توظف ذلك بالتواصل مع الآخرين بفاعلية والتأثير عليهم. وذلك أيضا يساعد في إدارة مشاعرك بشكل كبير مما يؤدي إلى قدرتك على السيطرة على مشاعرك بفاعلية.
- التمتع بالصحة النفسية والعقلية: وهذا أمر قد لا يتنبه إليه البعض، حيث أن إدراك الذات بجوانبها المختلفة يوصل إلى مرحلة أعلى وهي تقبل الذات وفهمها، وذلك يسهل عليك معرفة أن هناك فروقا فردية طبيعية بين الناس، وأنه لا يوجد شخص أفضل من شخص بشكل عام، وبذلك يتكون قبولك للناس باختلافاتهم واختلاف طرق تعبيرهم عن أنفسهم وأفعالهم. فالوعي بذاتك وقبولها يخلق لك مساحة من التفاؤل والسعادة.
وبذلك يمكننا تلخيص أهمية الاستفادة من معرفة جوانب الشخصية والوعي الذاتي: أن "مرحلة إدراك الذات" والوعي بها يوصلك إلى "مرحلة التقبل" للذات وللآخرين، وهذا التقبل يوصلك إلى "مرحلة التكيف" مع ذاتك والآخرين بكل الفروق التي بينك وبينهم، ثم المرحلة الأخيرة وهي "مرحلة التطوير والتغيير"، والتي لا يمكن أن تحدث بشكل فعال في غياب مرحلتي التقبل والتكيف. ويمكن للشخص تطوير نفسه بشكل جيد بعد معرفة مواطن القوة والضعف، ومن ثم استهدافها بالوسائل والأساليب المناسبة للفرد بحسب فهمه لشخصيته ومفاتيح تطويرها.
وختاما، لا حاجة لنا إلى تغيير أساس شخصياتنا، وربما لا يكون ممكنا؛ وإنما حاجتنا الحقيقية إلى كيفية التعامل مع أنماطنا واهتماماتنا وميولنا وحسن إدارتها والتحكم فيها وتطويرها، فكل الأنماط والشخصيات تسهم بشكل إيجابي في بناء العالم من حولها.