ماذا نحتاج قبل اتخاذ القرارات ؟
لا شك أن الإقدام على اتخاذ القرارات أمر صعب، إذ لابد من الإعداد الجيد لعملية اتخاذ القرار. وتلك القاعدة هي الخطوة الأولى من نجاح التخطيط لتنفيذ القرارات، وهي موضوعنا في هذا المقال.
قوانين الإعداد الجيد لعملية اتخاذ القرار
كل مسافر يجد في طريقه إرشادات وعلامات تسهل له رحلته وتؤمن طريقه، وكذلك اتخاذ القرارات، خصوصا المهمة منها، وهي أشبه بالرحلة التي تنقلك من وضع إلى آخر. فكان لزاما علينا أن نوضح لك تلك القوانين وهذه العلامات، فالبدايات الصحيحة سوف تسهل الوصول إلى نهايات وقرارات صائبة بإذن الله. فلو لم يكن الإعداد على الوجه الأفضل فسيؤثر ذلك على جودة قرارك ومستقبلك. ومن المؤكد أنك لا تستطيع بسهولة تغيير الأشخاص، أو المواقف، أو الظروف، ولكنك حتما تستطيع تغيير تفكيرك وأدواتك وقواعدك. وإليك مكونات الإعداد الجيد لعملية اتخاذ القرار:
أولا: المعلومات الذاتية وما يتوفر من البيئة المحيطة
قد يتخذ أحدنا قرارات مؤثرة في حياته بناء على معرفته ومعلوماته الذاتية أو الشخصية دون البحث عن مصادر أخرى للمعلومات، ولا شك أن هذا الأمر لا يعطيك تصورا كاملا عن جوانب المشكلة، ولا يجعلك تراها من كل النواحي، لذلك فسوف تكون حلولك وبدائلك قاصرة.
مثال: إذا أقدمت على اتخاذ قرار باختيار كلية ما، وأنت تعرف مكانها، وكيفية التقديم عليها، ودرجات القبول، وعدد ساعات/سنوات الدراسة، فأسرعت بالتقديم فيها، ولكنك بعد بدء الدراسة اكتشفت أن المواد الدراسية لا تناسبك، أو أن المستقبل المهني للكلية/للتخصص لا يتفق مع طموحاتك؛ فتكون قد فقدت الفرصة إلى جمع المعلومات من مصادر إضافية في الوقت الأنسب، وهو قبل اتخاذ القرار.
كيف يمكنك جمع المعلومات؟
القصد من جمع المعلومات هو الحصول على كل ما يفيد في تشخيص أو حل المشكلة.
رغم أهمية خبراتك وتجاربك في الحياة، إلا أنها قد لا تكفي في أكثر الأحيان. لذا ننصحك بالبحث والاطلاع عن مصادر أخرى للمعلومات من البيئة المحيطة، يشترط فيها الموثوقية، والخبرة، والحيادية.
واعلم أن توافر المعلومات أو عدمها هو الذي يجعل عملية اتخاذ القرارات عشوائية أو منطقية ومدروسة. كما أن العلاقة بين أهمية القرارات والمعلومات علاقة طردية؛ كلما زادت أهمية القرار، يلزمك أن تكثف عملية جمع المعلومات عنه.
ثانيا: القيم والأولويات الشخصية
إلى جانب اهمية أنماط اتخاذ القرار واستراتيجياته إلا أن هناك شيئا خفيا في داخل الإنسان هو الذي يجعله يوازن بين قراراته، ألا وهو القيم والأولويات.
القيم الحياتية والمهنية: هي المحركات وراء قرارات الإنسان. فالفرد يتخذ القرارات ثم يشعر بالارتياح أو الانزعاج ولا يدري ما السبب. تشكل الأولويات الشخصية عاملا مؤثرا في كل القرارات التي نتخذها، وتؤثر أيضا قيمك الحياتية والمهنية على خياراتك أولوياتك في الحياة.
لتحديد قيمك وأولوياتك، اسأل نفسك هل دراستك أولى من اعتبارات معينة تتعلق بأسرتك؟ هل صحتك أولى من متطلبات حياتك الاجتماعية؟ هل مساعدتك للآخرين أولى من مصلحتك الشخصية؟ وما غير ذلك.
كما أن معرفة القيم والأولويات يجيبنا على سؤال مهم: لماذا نعتبر هذا القرار أنسب دون غيره؟
مثال: إذا عرفت أن قيمة (الوضع الاجتماعي) له أولوية لديك، فالعمل الذي لا يسمح لك بالارتقاء الاجتماعي والظهور بمظهر يناسبك لا يشعرك بالسعادة. وإذا كانت قيمة التنوع مهمة لديك، فلا شك في ان قبولك لأي عمل روتيني لن يسمح لك بممارسة التنوع والابتكار.
إن العجز عن تحديد القيم والأولويات يؤدي إلى خطأ في الأهداف والقرارات. فمعرفتك بالقيم والأولويات مسبقا من الأهميات القصوى؛ لأنها قد تتغير بحسب الفترة والظروف، فما يكون ذا قيمة أو أولوية لك اليوم، قد لا يكون كذلك في أي وقت أو أي قرار لاحق. (ولمعرفة المزيد عن القيم المهنية، الرجاء مراجعة مقال القيم المهنية).
ثالثا: فهم الاحتياجات الشخصية الحقيقية
كل خطواتنا في الدراسة أو العمل أو الحياة وبكل ما فيها، نخطو إليها لإشباع احتياجات معينة. لهذا إذا علمت ماذا تريد، علمت من أين تبدأ. فهناك على الأقل عشر احتياجات أساسية يسعى كل فرد فينا إلى إشباعها من منظور الحياة المهنية، وهي العلاقة بالله، والعلاقة بالأسرة، وبالأصدقاء، وبالطرف الآخر (الزوج/الزوجة)، والتطور الشخصي، والرؤية الذاتية، والمسار المهني، والأحوال الصحية والنفسية، وسبل السعادة التي نسلكها، والموارد الخاصة بنا. فلعلك أن تحسن وتشبع هذه الاحتياجات والتأثر بها عن طريق القرارات المهنية التي تأخذها.
مثال: إذا قررت أخذ إحدى الدورات، فلا تأخذ تدريبا لمجرد المعرفة أو جمع الشهادات فقط، بل لابد أن يساهم هذا التدريب في تطورك الشخصي، ويكون مناسبا لمسارك المهني، وهكذا. حاول أن تكون قراراتك إشباعا لاحتياجاتك الحقيقية وذات صلة قوية بها.
رابعا: معرفة الأهداف الشخصية
من العلامات المميزة لنجاح القرارات هي تحقيقها للأهداف. لذلك، لا بد أن تكون على علم بأهدافك حتى يكون هناك تطابق أو على الأقل درجة من التوافق بين القرارات التي اتخذتها وأهدافك الشخصية.
مثال: من يضع هدفا بإنقاص وزنه وممارسة الرياضة، ولكن غالبا يأكل النشويات والسكريات، ويقضي معظم وقته أمام التلفاز أو مع الجوال. فذلك يبين أن من يتخذ قرارات تخالف أهدافه، كمن يسافر إلى وجهة وهو يركب الطائرة المتجهة إلى مدينة أخرى.
خامسا: العوامل الأخرى
هنالك بعض العوامل التي ينبغي مراعاتها قبل اتخاذ القرارات، مثل: الوقت المتاح لاتخاذ القرار فيه؛ مما يسمح لك بجمع المعلومات. وأيضا قيم وعادات وتقاليد المجتمع، فقد تفشل خطة ما بسبب عدم مراعاته لظروف وقيود المجتمع.